كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ إلَخْ).
(فَلَوْ أَحْرَمَ) حَلَالٌ (بِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ) الْمَذْكُورِ (انْعَقَدَ عُمْرَةً) مُجْزِئَةً عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ (عَلَى الصَّحِيحِ) عَلِمَ أَوْ جَهِلَ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ شَدِيدُ التَّعَلُّقِ فَانْصَرَفَ لِمَا يَقْبَلُهُ.
وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَلَبُّسٌ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ بِوَجْهٍ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَاهَةَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الرَّاجِحُ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهِ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ انْعَقَدَ عُمْرَةً أَيْضًا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَلَبُّسٌ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ) قَدْ يُقَالُ تَعَمَّدَ قَصْدَ عِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ لَا تَحْصُلُ لَا يُتَّجَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَلَاعُبًا بِالْعِبَادَةِ كَانَ شَبِيهًا بِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الرَّاجِحُ) مِنْ أَيْنَ عَلِمَ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ:
لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَهُوَ عُمْرَةٌ أَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَانَ إحْرَامُهُ فِي أَشْهُرِهِ أَمْ قَبْلَهَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ كَانَ حَجًّا؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ إحْرَامَهُ الْآنَ وَشَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَقَالَ سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ إلَخْ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ فِي أَشْهُرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ شَكَّ كَمَا لَوْ نَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ فَيَنْوِي الْقِرَانَ أَوْ الْحَجَّ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِحْرَامِ. اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ أَحْرَمَ بِهِ إلَخْ) أَيْ الْحَجِّ أَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ: حَلَالٌ) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا تَقَعُ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيَظْهَرُ إلَى وَعَلِمَ وَقَوْلُهُ وَصَوَّرَ إلَى وَلَا تَنْعَقِدُ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَهِيَ أَفْضَلُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: حَلَالٌ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجٍّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ، فَإِنَّ إحْرَامَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ حَجًّا لِكَوْنِهِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ وَلَا عُمْرَةً؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَالِمِ بِالْحَالِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَلَبُّسٌ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ) قَدْ يُقَالُ تَعَمَّدَ قَصْدَ عِبَادَةٍ لَا تَحْصُلُ لَا يُتَّجَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَلَاعُبًا بِالْعِبَادَةِ كَانَ شَبِيهًا بِهِ سم وَقَدْ يُجَابُ هُوَ أَنَّ الْأَمْرَ هُنَا عَدَمُ بُطْلَانِهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إذْ الْبَاطِلُ إنَّمَا هُوَ قَصْدُ الْحَجِّ دُونَ مُطْلَقِ الْإِحْرَامِ.
(قَوْلُهُ: عَلِمْت إلَخْ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الرَّاجِحُ) وَفِي الْوَنَائِيِّ وَيَحْرُمُ إبْدَالُ لَفْظِ الْعُمْرَةِ بِالْحَجِّ سَوَاءٌ قَصَدَ الْعُمْرَةَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْحَاشِيَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهِ مُطْلَقًا) كَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ وَالصَّوَابُ تَرْكُ بِهِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ بِإِرْجَاعِ الضَّمِيرِ لِلنُّسُكِ.
(وَجَمِيعُ السَّنَةِ وَقْتٌ لِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ) وَغَيْرِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا صَحَّتْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ غَيْرِهِ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي الْقَعْدَةِ وَمَرَّةً فِي شَوَّالٍ وَمَرَّةً فِي رَمَضَانَ عَلَى مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَمَرَّةً فِي رَجَبٍ، وَإِنْ أَنْكَرَتْهَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَاعْتَمَرَتْ بِأَمْرِهِ مِنْ التَّنْعِيمِ رَابِعَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ وَصَحَّ: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي» وَقَدْ يَمْتَنِعُ الْإِحْرَامُ بِهَا لِعَارِضٍ كَمُحْرِمٍ بِهَا وَكَحَاجٍّ لَمْ يَنْفِرْ مِنْ مِنًى نَفْرًا صَحِيحًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا لِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ كَبَقَاءِ نَفْسِ الْإِحْرَامِ.
وَمِنْ هَذَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى امْتِنَاعُ حَجَّتَيْنِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَنُقِلَ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَصُوِّرَ تَعَدُّدُهُ بِصُوَرٍ رَدَدْتهَا فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَلَا تَنْعَقِدُ كَالْحَجِّ مِمَّنْ أَحْرَمَ بِهَا، وَهُوَ مُجَامِعٌ أَوْ مُرْتَدٌّ وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا لَاسِيَّمَا فِي رَمَضَانَ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الزَّمَنِ الْمَصْرُوفِ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ مِنْ الْمُكَلَّفِ الْحُرِّ إلَّا فَرْضًا، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ التَّطَوُّعِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ كَبَقَاءِ نَفْسِ الْإِحْرَامِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحَصِّلْ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَفَاتَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ امْتَنَعَ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهِ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ تَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ الثَّانِي عَلَى الْإِتْيَانِ وَلَوْ صَوْمًا وَذَلِكَ نَفْسُ الْإِحْرَامِ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ حُرٍّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا صَحَّتْ إلَخْ) الَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَمَرَّةً فِي رَجَبٍ وَمَرَّةً فِي رَمَضَانَ وَمَرَّةً فِي شَوَّالٍ» إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ صَحَّتْ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ إلَخْ ثُمَّ تَفْصِيلُهُ بِقَوْلِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إلَخْ يَظْهَرْ لَك مَا فِيهِ مِنْ الْإِيهَامِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمَرَّةً فِي رَجَبٍ إلَخْ) أَيْ: فَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى عَدَمِ التَّأْقِيتِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَكَحَاجٍّ لَمْ يَنْفِرْ إلَخْ) أَيْ أَمَّا إحْرَامُهُ بِهَا بَعْدَ نَفْرِهِ فَصَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ وَقْتَ الرَّمْيِ بَعْدَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ بَاقِيًا؛ لِأَنَّهُ بِالنَّفْرِ خَرَجَ مِنْ الْحَجِّ وَصَارَ كَمَا لَوْ مَضَى وَقْتُ الرَّمْيِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ زَادَ الْوَنَائِيُّ وَمَنْ عَلَيْهِ رَمْيُ التَّشْرِيقِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَقَدْ خَرَجَ وَقْتُهُ حَلَّ إحْرَامُهُ وَنِكَاحُهُ وَغَيْرُهُمَا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بَدَلِ الرَّمْيِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ وَلَا بَقِيَ عَلَيْهِ أَثَرُ الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ مَنْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَمْيٌ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَوْ حَصَاةً؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ التَّحَلُّلَيْنِ هُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ، وَإِنْ خَرَجَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَبَدَلُ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ وَلَوْ صَوْمًا فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ قَبْلَهُ إحْرَامٌ وَلَا نِكَاحٌ وَلَا وَطْءٌ وَلَا مُتَعَلِّقَاتُهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَمْيٌ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إلَخْ فِي سم مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ وَمَنْ سَقَطَا عَنْهُ أَيْ وَلَمْ يَنْفِرْ فَتَعْبِيرُ كَثِيرٍ بِمِنًى إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ نِهَايَةٌ وَفِي الْوَنَائِيِّ مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا إلَخْ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَكَحَاجٍّ لَمْ يَنْفِرْ مِنْ مِنًى نَفْرًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَصُورَةُ تَعَدُّدِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَتَصْوِيرُ الزَّرْكَشِيّ وُقُوعَهُمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ مَرْدُودٌ. اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَتَصْوِيرُ الزَّرْكَشِيّ إلَخْ أَيْ: بِأَنْ يَأْتِيَ مَكَّةَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَطُوفَ وَيَسْعَى بَعْدَ الْوُقُوفِ ثُمَّ يَرْجِعَ إلَى مِنًى لِحُصُولِ التَّحَلُّلَيْنِ بِمَا فَعَلَهُ وَوَجْهُ رَدِّهِ بَقَاءُ أَثَرِ الْإِحْرَامِ الْمَانِعِ مِنْ حَجِّهِ الْحَجَّةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَرَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ فَلَا تُكْرَهُ فِي وَقْتٍ وَلَا يُكْرَهُ تَكْرَارُهَا فَقَدْ «أَعْمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ وَاعْتَمَرَتْ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَفِي رِوَايَةٍ: «ثَلَاثَ عُمَرَ» قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَفِعْلُهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ لَيْسَ بِفَاضِلٍ كَفَضْلِهِ فِي غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُ الْحَجِّ فِيهِمَا مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يُكْرَهُ تَكْرِيرُهَا بَلْ يُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ» وَكَذَلِكَ عَائِشَةُ وَابْنُ عَمْرٍو وَيَتَأَكَّدُ فِي رَمَضَانَ وَفِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهِيَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ إلَخْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ حُرٍّ سم.
(قَوْلُهُ: إلَّا فَرْضًا) أَيْ: لِأَنَّ النَّفَلَ مِنْهَا يَصِيرُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَاجِبًا كُرْدِيٌّ.
(وَالْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْحَجِّ) وَلَوْ فِي حَقِّ الْقَارِنِ تَغْلِيبًا لِلْحَجِّ (فِي حَقِّ مَنْ بِمَكَّةَ) وَلَوْ آفَاقِيًّا (نَفْسُ مَكَّةَ) لَا خَارِجُهَا وَلَوْ مُحَاذِيَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِلْخَبَرِ الْآتِي حَتَّى أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ (وَقِيلَ كُلُّ الْحَرَمِ) لِاسْتِوَائِهِ مَعَهَا فِي الْحُرْمَةِ وَيَرُدُّهُ تَمَيُّزُهَا عَلَيْهِ بِأَحْكَامٍ أُخَرَ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي خَبَرِ: «فَأَهْلَلْنَا مِنْ الْأَبْطُحِ» لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعِمَارَةَ كَانَتْ تَنْتَهِي إلَيْهِ إذْ ذَاكَ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ خَبَرُ نُزُولِهِ بِهِ عَلَى أَنَّ الْعِمَارَةَ الْآنَ مُتَّصِلَةٌ بِأَوَّلِهِ.
فَلَوْ أَحْرَمَ خَارِجَ بُنْيَانِهَا أَيْ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ لِمَنْ سَافَرَ مِنْهَا وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ عَلَى الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ، لَكِنْ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْوُصُولُ إلَى مِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ كَذَا قَالُوهُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا تَكْفِيهِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا كَانَ مِيقَاتُ الْجِهَةِ الَّتِي خَرَجَ إلَيْهَا أَبْعَدَ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ فَيَتَعَيَّنُ هُنَا الْوُصُولُ لِلْمِيقَاتِ أَوْ مُحَاذَاتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِيقَاتُ جِهَةِ خُرُوجِهِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِيقَاتٌ فَيَكْفِي الْوُصُولُ إلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِعَيْنِ الْمِيقَاتِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ دَمُ التَّمَتُّعِ بِالْمُرَحِّلَتَيْنِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا فِيهِ إسَاءَةٌ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ مَكَّةَ فَشَدَّدَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ وَلِأَنَّهُ يُبْعِدُهُ عَنْهَا مَرْحَلَتَيْنِ انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهَا فَصَارَ كَالْآفَاقِيِّ فَتَعَيَّنَ مِيقَاتُ جِهَتِهِ أَوْ مُحَاذِيهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعِمَارَةَ كَانَتْ تَنْتَهِي إلَيْهِ إذْ ذَاكَ، بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ إلَخْ) وَأَيْضًا فَقَدْ تَقَدَّمَ تَرَدُّدٌ فِي اعْتِبَارِ مُجَاوَزَةِ مَطْرَحِ الرَّمَادِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فِي تَرْخِيصِ الْمُسَافِرِ مِنْ قَرْيَةٍ لَا سُورَ لَهَا، فَإِنْ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ أَمْكَنَ الْجَوَابُ بِاحْتِمَالِ أَوْ ظُهُورِ أَنَّ الْأَبْطُحَ أَوْ بَعْضَهُ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ كَانَ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ مِنْ مَطْرَحِ الرَّمَادِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: أَسَاءَ وَلَزِمَهُ دَمٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا إسَاءَةَ وَلَا دَمَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ ثُمَّ رَأَيْت الْمُحِبَّ الطَّبَرِيَّ نَبَّهَ عَلَيْهِ بَحْثًا. اهـ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ قِيَاسُ الِاكْتِفَاءِ بِمُحَاذَاتِهَا كَسَائِرِ الْمَوَاقِيتِ فِي عَدَمِ الْإِسَاءَةِ وَعَدَمِ الدَّمِ الِاكْتِفَاءُ بِمُحَاذَاتِهَا يَمِينًا وَشِمَالًا، وَإِنْ بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فِي بُعْدِهِ عَنْهَا لِوُجُودِ الْمُحَاذَاةِ الْكَافِيَةِ فِي سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ مَعَ ذَلِكَ وَبِالْإِحْرَامِ خَارِجَهَا مِنْ جِهَةِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا أَوْ إلَى مُحَاذَاتِهَا؛ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَمُرُّ بِهَا أَوْ بِمُحَاذَاتِهَا وَذَلِكَ كَافٍ فِي سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ وَكُلٌّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ كَشَارِحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهَا إلَخْ الشَّامِلُ لِلْخَارِجِ فِي سَائِرِ الْجِهَاتِ لَكِنْ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ يُبَيِّنُ أَنَّهُ أَرَادَ غَيْرَ الْمُحَاذَاةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَيَّنَ إلَخْ) أَيْ فِي السُّقُوطِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الدَّمُ إلَّا إذَا وَصَلَ لِمِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ وَفِي عَدَمِ الْإِسَاءَةِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ الْإِسَاءَةِ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ مُفَارَقَةِ بُنْيَانِهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى مِيقَاتٍ وَإِلَّا فَلَا إسَاءَةَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَخْ. اهـ.
مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَعَلَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْإِسَاءَةِ بِوُصُولِ مِيقَاتٍ إنْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الْوُصُولِ إلَيْهِ أَوْ الْعَوْدِ إلَيْهَا لِلْإِحْرَامِ مِنْهَا أَوْ مُحْرِمًا بِخِلَافِ مَا إذَا فَارَقَهَا بِقَصْدِ الْإِحْرَامِ خَارِجَهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الْوُصُولِ لِمِيقَاتٍ وَلَا قَصْدِ الْعَوْدِ إلَيْهَا فَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ، وَإِنْ وَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ لِمِيقَاتٍ أَوْ عَادَ إلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي عَدَمُ التَّحْرِيمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِاحْتِمَالِ حَالَةِ الْجَوَازِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّ قَوْلَهُمْ تَعَيَّنَ الْوُصُولُ إلَى مِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ لَمْ يَرِدْ فِيهِ اعْتِبَارُ الْوُصُولِ لِعَيْنِ الْمِيقَاتِ، بَلْ يَكْفِي الْوُصُولُ لِمُحَاذِيهِ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا، وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فَيَتَعَيَّنُ الْوُصُولُ لِلْمِيقَاتِ أَوْ مُحَاذَاتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَى قَوْلِهِ فَيَكْفِي الْوُصُولُ إلَيْهَا إلَخْ إذْ هَذِهِ الْكِفَايَةُ لَا تَخْتَصُّ بِمَا إذَا كَانَ مِيقَاتُ خُرُوجِهِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ كِفَايَةَ مَا ذُكِرَ، وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ الْمِيقَاتَ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ.